Menu

أثاث ندى دبس "زخارف الشرق تحاكي الحداثي"

 بيروت - هلا داغر

لطالما احتفت دبس بجذورها العربية في الوقت الذي تلبي فيه أذواق كافة زبائنها المحبين للرقي حول العالم. ولدت ندى دبس في لبنان ونشأت في اليابان ودرست في الولايات المتحدة وعملت في لندن. كان لليابان الأثر الكبير في حياتها العملية. فيها تعلمت تبسيط الشيء إلى الحد الأدنى، إلى حد تعريته للوصول إلى جوهره. في الولايات المتحدة، تقول ندى أن الأميركيين يعودون دائماً إلى الأساسيات. فتصاميمهم هي ذات طبيعة وظيفية، وبالتالي لا يقدمون شيئاً من دون معنى. إنّهم دائماً يتطلعون إلى المستقبل لاستنباط تأثيرات ومواد حديثة. في المملكة المتحدة، حيث أطلقت علامتها التجارية، تأثرت بميل البريطانيين إلى تبجيل الماضي وتقدير الحرف اليدوية. مع عودتها إلى لبنان، لاحظت تأثير الهندسة والزخرفة. في لبنان يقدر الناس الهندسة الإسلامية المتأثرة بالرياضيات، كما تشير.

قضت سنواتها الأولى في اليابان، حيث إرتادت مدرسة أميركية تتميّز بجو عالمي مما انعكس على تفكيرها وظهر جلياً فى تأثرها بالأنماط اليابانية المبسطة فى الهندسة المعمارية والتصميم الداخلي. بعدها إرتادت كلية التصميم الفني في جامعة رود آيلاند المرموقة في الولايات المتحدة الأميركية، حيث درست الهندسة الداخلية وازداد شغفها أكثر فأكثر بفن التبسيط الياباني مع بروز اهتمامها بالتصميم الحديث والمعاصر فحاولت دمج الفكرتين مع بعضهما لعمل تصميمات حداثية ومعاصرة للأثاث تعتمد على التبسيط. إلا أنها لم تكتف بهذا بل أضافت إلى تصميماتها روح الشرق الذي تنتمي إليه بطبيعة الحال فخرجت تصميماتها للأثاث والديكور قطعاً فنية تمتزج فيها روح الشرق وخطوطه وزخارفه مع الشكل الحداثي المبسط. صممت دبس أثاث شقتها بإبداعاتها الخاصة عندما انتقلت إلى المملكة المتحدة، وخلال هذه الفترة، تعرّفت إلى الحرفيين المحليين المهرة في صناعة الأثاث المنزلي وتطعيم الخشب. وعليه، أصبح منزلها صالة العرض المثالية لعملها، وطلب الكثيرون من زوارها أن تصمم لهم قطعاً مماثلة. وبالتالي شكّل هذا حجر الأساس لشركة التصميم الناجحة التي أسستها.

ثمة عامل سرّع خطوات ندى دبس في مجال تصميم المفروشات. خلال إقامتها في مدينة نيويورك وفي عطلة نهاية أحد الأسابيع تم تنظيم معرض للأثاث المعاصر. شكّل هذا المعرض نقطة تحول كبيرة بالنسبة لها، وذهلت لدى رؤيتها التقدير الذي يحظى به التنوع. بعد ذلك، صارت تمضي عطلات نهاية الأسبوع وهي تخترع قطع الأثاث. عندما انتقلت إلى لندن في عام 1992، وسّعت شركة التصميم التي كانت تعمل لحسابها نشاطها لتدخل عالم الأثاث. في هذه الشركة اكتشفت ندى نفسها فعلياً كمصممة أثاث، خصوصاً أنها تحب التعامل مع الحرفيين والحدادين وغيرهم. كانت دائماً تتوق لرؤية النماذج لأول مرة، واعتادت قضاء أسابيع من العمل للوصول إلى نتيجة متقنة. في عام 1995 أطلقت علامتها الخاصة من الأثاث NDK Design.

لم تنس ندى دبس أصولها العربية والتي كان لها تأثير كبير على أفكارها في تصميم الأثاث لذا كان من الطبيعي أن تستعين بجماليات نقوش الخط العربي فى بعض تصميماتها. من هنا نراها توجّهت نحو التصميم المعاصر مع استخدام التقنيات الحرفية التقليدية كالأرابيسك الشرقي مع استخدام بعض وحدات الزخرفة اليابانية، فكانت النتيجة قطعاً فنية تنبض بالأصالة وتحافظ على الشكل المعاصر في آن.  

لدى عودتها إلى لبنان بعد 40 عاماً في الخارج، اكتشفت شبه غياب لتصاميم المفروشات الشرقية العصرية. وصممت على الاستفادة من خلفيتها المتعددة الثقافات لتقديم أثاث يجذب السوق العالمية. عام 2000 أنشأت شركتها East and East وحققت نجاحات لافتة مما جعل لها اليوم متاجر في بيروت وفروع تمثلها دولياً في نيويورك ودبي وجنيف والقاهرة وعمان والمملكة السعودية. وتُمثّل الشركة الإزدواجية في استخدام كلمة الشرق انصهار البساطة وتحفّظ الجماليات اليابانية مع دفء فن الزخرفة العربية المترف. كما تضمنت التزام دبس بالبراعة الحرفية العالية الجودة والاهتمام بالتفاصيل أن تكون كل قطعة تحفة فنية بامتياز. بالإضافة إلى ذلك، حافظت ندى على مركزها في طليعة ساحة التصميم العالمية، وذلك باستخدام المواد الحديثة والعصرية مثل الأكريليك والإسمنت المصقول. بالتالي، لقيت أعمالها الحفاوة في معارض التصميم المرموقة في باريس ولندن، وذلك تعبيراً عن تقدير الغرب لأعمالها. كما اكتسبت قاعدة متنوعة من الزبائن الأوفياء حول العالم.

وعلى الرغم من النجاح الذي حققته وانتشار تصاميمها وعرض قطع الأثاث التي تبدعها فى العديد من متاجر البلاد العربية، إلا أنها تتغنّى بأن النجاح الأكبر الذي حققته هو الشهرة التي نالتها في بيروت حيث يدعوها الجميع بإسم "محبوبة التصميم الداخلي". تمكنت بعد عودتها إلى لبنان من فهم ثقافتها بشكل أعمق. تعرفت على وجه للعالم العربي لا يعرفه الكثير من المقيمين في الخارج كما تقول. لمست حناناً، قلوباً كبيرة وأياد مفتوحة، وقررت أن تحوّل نفسها إلى قناة توصل من خلالها هذا الجزء من ثقافتها إلى العالم، فوضعت المصممة نصب عينيها مهمة ترمي إلى نشر التوعية حول الحرف اليدوية في أوساط الجيل الجديد من محبي التصميم.

إقرأ المزيد من بلاتينوم

cross-circle linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram